كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقرأ الأعمش، وأبو السمال {بَصُرْتُ} بكسر الصاد {بِمَا لَمْ يَبْصُرُواْ} بفتح الصاد، وقرأ عمرو بن عبيد {بَصُرْتُ} بضم الباء وكسر الصاد {بِمَا لَمْ} بضم التاء المثناة من فوق وفتح الصاد على البناء للمفعول.
وقرأ الكسائي، وحمزة وأبو بحرية، والأعمش، وطلحة، وابن أبي ليلى، وابن مناذر، وابن سعدان، وقعنب {بِمَا لَمْ} بالتاء الفوقانية المفتوحة وبضم الصاد. والخطاب لموسى عليه السلام وقومه.
وقيل: له عليه السلام وحده وضمير الجمع للتعظيم كما قيل في قوله تعالى: {رَبّ ارجعون} [المؤمنون: 99] وهذا منقول عن قدماء النحاة وقد صرح به الثعالبي في سر العربية، فما ذكره الرضي من أن التعظيم إنما يكون في ضمير المتكلم مع الغير كفعلنا غير مرتضى وإن تبعه كثير.
وادعى بعضهم أن الأنسب بما سيأتي إن شاء الله تعالى من قوله: {وكذلك سَوَّلَتْ لِى نَفْسِى} تفسير بصر برأي لاسيما على القراءة بالخطاب فإن ادعاء علم ما لم يعلمه موسى عليه السلام جراءة عظيمة لا تليق بشأنه ولا بمقامه بخلاف ادعاء رؤية ما لم يره عليه السلام فإنه مما يقع بحسب ما يتفق.
وقد كان فيما أخرج ابن جرير عن ابن عباس رأى جبريل عليه السلام يوم فلق البحر على فرس فعرفه لما أنه كان يغذوه صغيرًا حين خافت عليه أمه فألقته في غار فأخذ قبضة من تحت حافر الفرس وألقى في روعه أنه لا يلقيها على شيء فيقول: كن كذا إلا كان.
وعن علي كرم الله تعالى وجهه أنه رآه عليه السلام راكبًا على فرس حين جاء ليذهب بموسى عليهما السلام إلى الميقات ولم يره أحد غيره من قوم موسى عليه السلام فأخذ من موطىء فرسه قبضة من التراب.
وفي بعض الآثار أنه رآه كلما رفع الفرس يديه أو رجليه على التراب اليبس يخرج النبات فعرف أن له شأنًا فأخذ من موطئه حفنة، وذلك قوله تعالى: {فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرسول} أي من أثر فرس الرسول.
وكذا قرأ عبد الله، فالكلام على حذف مضاف كما عليه أكثر المفسرين وأثر الفرس التراب الذي تحت حافره وقيل: لا حاجة إلى تقدير مضاف لأن أثر فرسه أثره عليه السلام.
ولعل ذكر جبريل عليه السلام بعنوان الرسالة لأنه لم يعرفه إلا بهذا العنوان أو للإشعار بوقوفه على ما لم يقف عليه القوم من الأسرار الإلهية تأكيدًا لما صدر به مقالته والتنبيه كما قيل على وقت أخذ ما أخذ.
والقبضة المرة من القبض أطلقت على المقبوض مرة، وبذلك يرد على القائلين بأن المصدر الواقع كذلك لا يؤنث بالتاء فيقولون: هذه حلة نسيج اليمن ولا يقولون: نسيجة اليمن.
والجواب بأن الممنوع إنما هو التاء الدالة على التحديد لا على مجرد التأنيث كما هنا والمناسب على هذا أن لا تعتبره المرة كما لا يخفى.
وقرأ عبد الله وأبي وابن الزبير والحسن وحميد: {قبصت} قبصة بالصاد فيهما؛ وفرقوا بين القبض بالضاد المعجمة والقبص بالصاد بأن الأول الأخذ بجميع الكف والثاني الأخذ بأطراف الأصابع ونحوهما الخضم بالخاء للأكل بجميع الفم والقضم بالقاف للأكل بأطراف الأسنان.
وذكر أن ذلك مما غير لفظه لمناسبة معناه فإن الضاد المعجمة للثقل واستطالة مخرجها جعلت فيما يدل على الأكثر والصاد لضيق محلها وخفائه جعلت فيما يدل على القليل.
وقرأ الحسن بخلاف عنه وقتادة ونصر بن عاصم بضم القاف والصاد المهملة وهو اسم للمقبوض كالمضغة اسم للممضوغ {الرسول فَنَبَذْتُهَا} أي ألقيتها في الحلي المذاب.
وقيل: في جوف العجل فكان ما كان.
{وكذلك سَوَّلَتْ لِى نَفْسِى} أي زينته وحسنته إلى والإشارة إلى مصدر الفعل المذكور بعد.
وذلك على حد قوله تعالى: {وكذلك جعلناكم أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143] وحاصل جوابه أن ما فعله إنما صدر عنه بمحض اتباع هوى النفس الأمارة بالسوء لا لشيء آخر من البرهان العقلي أو النقلي أو من الإلهام الإلهي.
هذا ثم ما ذكر من تفسير الآية هو المأثور عن الصحابة والتابعين رضي الله تعالى عنهم وتبعهم جل أجلة المفسرين، وقال أبو مسلم الأصبهاني: ليس في القرآن تصريح بهذا الذي ذكروه.
وهنا وجه آخر وهو أن يكون المراد بالرسول موسى عليه السلام وأثره سنته ورسمه الذي أمر به ودرج عليه فقد يقول الرجل: فلأن يقفو أثر فلان ويقتص أثره إذا كان يمتثل رسمه، وتقرير الآية على ذلك أن موسى عليه السلام لما أقبل على السامري باللوم والمسألة عن الأمر الذي دعاه إلى إضلال القوم بالعجل قال: بصرت بما لم يبصروا به أي عرفت أن الذي عليه القوم ليس بحق وقد كنت قبضت قبضة من أثرك أي شيئًا من دينك فنبذتها أي طرحتها ولم أتمسك بها.
وتعبيره عن موسى عليه السلام بلفظ الغائب على نحو قول من يخاطب الأمير ما قول الأمير في كذا.
ويكون إطلاق الرسول منه عليه عليه السلام نوعًا من التهكم حيث كان كافرًا مكذبًا به على حد قوله تعالى حكاية عن الكفرة: {يا أَيُّهَا الذى نُزّلَ عَلَيْهِ الذكر إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ} [الحجر: 6] انتهى، وانتصر له بعضهم بأنه أقرب إلى التحقيق.
ويبعد قول المفسرين أن جبريل عليه السلام ليس معهودًا باسم الرسول ولم يجر له فيما تقدم ذكر حتى تكون اللام في الرسول لسابق في الذكر وأن ما قالوه لابد له من تقدير المضاف والتقدير خلاف الأصل وأن اختصاص السامري برؤية جبريل عليه السلام ومعرفته من بين سائر الناس بعيد جدًا.
وأيضًا كيف عرف أن أثر حافر فرسه يؤثر هذا الأمر الغريب العجيب من حياة الجماد وصيرورته لحمًا ودمًا على أنه لو كان كذلك لكان الأثر نفسه أولى بالحياة.
وأيضًا متى اطلع كافر على تراب هذا شأنه فلقائل أن يقول لعل موسى عليه السلام اطلع شيء آخر يشبه هذا فلأجله أتى بالمعجزات فيكون ذلك فيما أتى به المرسلون عليهم السلام من الخوارق، وأيضًا يبعد الكفر والإقدام على الإضلال بعد أن عرف نبوة موسى عليه السلام بمجىء هذا الرسول الكريم إليه انتهى.
وأجيب بأنه قد عهد في القرآن العظيم إطلاق الرسول على جبريل عليه السلام فقد قال سبحانه: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} [الحاقه: 40] وعدم جريان ذكر له فيما تقدم لا يمنع من أن يكون معهودًا، ويجوز أن يكون إطلاق الرسول عليه عليه السلام شائعًا في بني إسرائيل لاسيما إن قلنا بصحة ما روي أنه عليه السلام كان يغذي من يلقى من أطفالهم في الغار في زمان قتل فرعون لهم، وبأن تقدير المضاف في الكلام أكثر من أن يحصى وقد عهد ذلك في كتاب الله تعالى غير مرة، وبأن رؤيته جبريل عليه السلام دون الناس كان ابتلاء منه تعالى ليقضي الله أمرًا كان مفعولا.
وبأن معرفته تأثير ذلك الأثر ما ذكر كانت لما ألقى في روعه أنه لا يلقيه على شيء فيقول كن كذا إلا كان كما في خبر ابن عباس أو كانت لما شاهد من خروج النبات بالوطء كما في بعض الآثار.
ويحتمل أن يكون سمع ذلك من موسى عليه السلام، وبأن ما ذكر من أولوية الأثر نفسه بالحياة غير مسلم ألا ترى أن الإكسير يجعل ما يلقى هو عليه ذهبًا ولا يكون هو بنفسه ذهبًا.
وبأن المعجزة مقرونة بدعوى الرسالة من الله تعالى والتحدي وقد قالوا: متى ادعى أحد الرسالة وأظهر الخارق وكان لسبب خفي يجهله المرسل إليهم قيض الله تعالى ولابد من يبين حقيقة ذلك بإظهار مثله غير مقرون بالدعوى أو نحو ذلك أو جعل المدعي بحيث لا يقدم على فعل ذلك الخارق بذلك السبب بأن يسلب قوة التأثير أو نحو ذلك لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وتكون له عز وجل الحجة البالغة، وجوزوا ظهور الخارق لا عن سبب أو عن سبب خفي على يد مدعي الألوهية لأن كذبه ظاهر عقلًا ونقلًا.
ولا تتوقف إقامة الحجة على تكذيبه بنحو ما تقدم.
وبان ما ذكر من بعد الكفر والإضلال من السامري بعد أن عرف نبوة موسى عليه السلام في غاية السقوط فقد قال تعالى: {وَجَحَدُواْ بِهَا واستيقنتها أَنفُسُهُمْ} [النمل: 14] وليس كفر السامري بأبعد من كفر فرعون وقد رأى ما رأى.
ويرد على ما ذكره أبو مسلم مع مخالفته للمأثور عن خير القرون مما لا يقال مثله من قبل الرأي فله حكم المرفوع أن التعبير عن موسى عليه السلام بلفظ الغائب بعيد.
وإرادة وقد كنت قبضت قبضة.. إلخ. من النظم الكريم أبعد وأن نبذ ما عرف أنه ليس بحق لا يعد من تسويل النفس في شيء فلا يناسب ختم جوابه بذلك، فزعم أن ما ذكره أقرب إلى التحقيق باطل عند أرباب التدقيق.
وزعمت اليهود أن ما ألقاه السامري كان قطعة من الحلي منقوشًا عليها بعض الطلسمات وكان يعقوب عليه السلام قد علقها في عنق يوسف عليه السلام إذ كان صغيرًا كما يعلق الناس اليوم في أعناق أطفالهم التمائم وربما تكون من الذهب والفضة منقوشًا عليها شيء من الآيات أو الأسماء أو الطلسمات وقد ظفر بها من حيث ظفر فنبذها مع حلي بني إسرائيل فكان ما كان لخاصية ما نقش عليها فيكون على هذا قد أراد بالرسول رسول بني إسرائيل في مصر من قبل وهو يوسف عليه السلام.
ولم يجىء عندنا خبر صحيح ولا ضعيف بل ولا موضوع فيما زعموا.
نعم جاء عندنا أن يعقوب كان قد جعل القميص المتوارث في تعويذ وعلقه في عنق يوسف عليه السلام.
وفسر بعضهم بذلك قوله تعالى: {اذهبوا بِقَمِيصِى هذا} [يوسف: 93] إلخ.
وما أغفل أولئك البهت عن زعم أن الأثر هو ذلك القميص فإنه قد عهد منه ما تقدم في أحسن القصص في قوله تعالى: {اذهبوا بِقَمِيصِى هذا فَأَلْقُوهُ على وَجْهِ أَبِى يَأْتِ بَصِيرًا} فبين معافاة المبتلي وحياة الجماد مناسبة كلية فهذا الكذب لو ارتكبوه لربما كان أروج قبولًا عند أمثال الأصبهاني الذين ينبذون ما روي عن الصحابة مما لا يقال مثله بالرأي وراء ظهورهم نعوذ بالله تعالى من الضلال.
{قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ}.
{قَالَ} استئناف كما مر غير مرة أي قال موسى عليه السلام إذا كان الأمر كما ذكرت {فاذهب} أي من بين الناس، وقوله تعالى: {فَإِنَّ لَكَ في الحياة} إلى آخره تعليل لموجب الأمر.
و{فِى} متعلقة بالاستقرار العامل في {لَكَ} أي ثابت لك في الحياة أو بمحذوف وقع حالًا من الكاف، والعامل معنى الاستقرار المذكور أيضًا لاعتماده على ما هو مبتدأ معنى أعني قوله تعالى: {أَن تَقُولَ لاَ مِسَاسَ} ولم يجوز تعلقه بتقول لمكان أن؛ وقد تقدم آنفًا عذر من يعلق الظرف المتقدم بما بعدها.
ولا يظهر ما يشفي الخاطر في وجه تعليق العلامة أبي السعود إذ في قوله تعالى: {مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّواْ أَن لا} [طه: 92، 93] فيما بعد أن وعدم تجويز تعليق {يُؤْمِنُونَ وَقَالَ إِنَّمَا} فيما بعدها أي إن لك مدة حياتك أن تفارق الناس مفارقة كلية لكن لا بحسب الاختيار بموجب التكليف بل بحسب الاضطرار الملجىء إليها، وذلك أنه تعالى رماه بداء عقام لا يكاد يمس أحدًا أو يمسه أحد كائنًا من كان الاحم من ساعته حمى شديدة فتحامى الناس وتحاموه وكان يصيح بأقصى صوته لا مساس وحرم عليهم ملاقاته ومكالمته ومؤاكلته ومبايعته وغير ذلك مما يعتاد جريانه فيما بين الناس من المعاملات وصار بين الناس أوحش من القاتل اللاجىء إلى الحرم ومن الوحشي النافر في البيداء، وذكر أنه لزم البرية وهجر البرية، وذكر الطبرسي عن ابن عباس أن المراد أن لك ولولدك أن تقول.. إلخ، وخص عرو الحمى بما إذا كان الماس أجنبيًا، وذكر أن بقايا ولده باق فيهم تلك الحال إلى اليوم، وقيل: ابتلى بالوسواس حين قال له موسى عليه السلام ذلك، وعليه حمل قول الشاعر:
فأصبح ذلك كالسامري ** إذ قال موسى له لا مساسا

وأنكر الجبائي ما تقدم من حديث عرو الحمى عند المس وقال: إنه خاف وهرب وجعل يهيم في البرية لا يجد أحدًا من الناس يمسه حتى صار لبعده عن الناس كالقائل لا مساس وصحح الأول، والمساس مصدر ماس كقتال مصدر قاتل وهو منفي بلا التي لنفي الجنس وأريد بالنفي النهي أي لا تمسين ولا أمسك.
وقرأ الحسن، وأبو حيوة، وابن أبي عبلة، وقعنب {لاَ مِسَاسَ} بفتح الميم وكسر السين آخره وهو بوزن فجار، ونحوه قولهم في الظباء إن وردت الماء فلا عباب وإن فقدته فلا أباب. وهي كما قال الزمخشري، وابن عطية أعلام للمسة والعبة والأبة وهي المرة من الأب أي الطلب، ومن هذا قول الشاعر:
تميم كرهط السامري وقوله ** ألا لا يريد السامري مساس

و{لا} على هذا ليست النافية للجنس لأنها مختصة بالنكرات وهذا معرفة من أعلام الأجناس ولا داخلة معنى عليه فإن المعنى لا يكون أو لا يكن منك مس لنا. وهذا أولى من أن يكون المعنى لا أقول مساس.
وظاهر كلام ابن جني أنه اسم فعل كنزال. والمراد نفي الفعل أي لا أمسك والسر في عقوبته على جنايته بما ذكر على ما قيل: إنه ضد ما قصده من إظهار ذلك ليجتمع عليه الناس ويعززوه فكان سببًا لبعدهم عنه وتحقيره وصار لديهم أبغض من الطلياء وأهون من معبأة.
وقيل: لعل السر في ذلك ما بينهما من مناسبة التضاد فإنه لما أنشأ الفتنة بما كانت ملابسته سببًا لحياة الموات عوقب بما يضاده حيث جعلت ملابسته سببًا للحمى التي هي من أسباب موت الأحياء، وقيل: عوقب بذلك ليكون الجزاء من جنس العمل حيث نبذ فنبذ فإن ذلك التحامي أشبه شيء بالنبذ وكانت هذه العقوبة على ما في البحر: باجتهاد من موسى عليه السلام، وحكى فيه القول بأنه أراد قتله فمنعه الله تعالى عن ذلك لأنه كان سخيًا، وروي ذلك عن الصادق رضي الله تعالى عنه، وعن بعض الشيوخ أنه قد وقع ما يقرب من ذلك في شرعنا في قضية الثلاثة الذين خلفوا فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يكلموا ولا يخالطوا وأن يعتزلوا نساءهم حتى تاب الله تعالى عليهم.
ومذهب الإمام أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه في القتال اللاجىء إلى الحرم نحو ذلك ليضطر إلى الخروج فيقتل في الحل {وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا} أي في الآخرة {لَّن تُخْلَفَهُ} أي لن يخلفك الله تعالى ذلك الوعد بل ينجزه لك البتة بعد ما عاقبك في الدنيا.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو والأعمش بضم التاء وكسر اللام على البناء للفاعل على أنه من أخلفت الموعد إذا وجدته خلفًا كأجبنته إذا وجدته جبانًا.
وعلى ذلك قول الأعشى:
أثوى وقصر ليله ليزودا ** فمضى وأخلف من قتيلة موعدا

وجوز أن يكون التقدير لن تخلف الواعد إياه فحذف المفعول الأول وذكر الثاني لأنه المقصود.
والمعنى لن تقدر أن تجعل الواعد مخلفًا لوعده بل سيفعله، ونقل ابن خالويه عن ابن خالويه عن ابن نهيك أنه قرأ {لَّن تُخْلَفَهُ} بفتح التاء المثناة من فوق وضم اللام، وفي اللوامح أنه قرئ {لَنْ يُخْلِفُهُ} بفتح الياء المثناة من تحت وضم اللام وهو من خلفه يخلفه إذا جاء بعده، قيل: المعنى على الرواية الأولى وإن لك موعدًا لابد أن تصادفه، وعلى الرواية الثانية وإن لك موعدًا لا يدفع قول لا مساس فافهم.